إرهاب.. ما بعد الإرهاب!
بعد كل حادثة إجرامية في أي مكان، وعلى أي بقعة في أصقاع الأرض وحين يتم تناقل الخبر على مواقع التواصل يترك الكثيرون الحادثة برمتها وينشغلون بهوامش لا أهمية لها كصياغة الخبر ووصفه والمصطلحات التي استخدمت في كتابته أو إذاعته ومقارنة تعاطي دول الغرب بين حادثة إرهابية قام بها مسلم، أو أخرى قام بها مواطن دولة أجنبية.
حين اُعتدي على المصلين يوم الجمعة الماضي في مسجد نيوزيلندا وقُتل 50 شخصاً في عملية إجرامية عنصرية إرهابية بشعة هرعت بعض الأقلام في تويتر لشيطنة دول الغرب قبل أي تصريح أو إدانة من ناحية، وضد من لم يصفوا العمل بالإرهابي من ناحية أخرى، وهذا -برأيي- إرهاب يتكرر بعد كل إرهاب، إنه الإرهاب الفكري، إرهاب تقييد الرأي والكلمة الذي يفرض عليك صاحبه كيف تكتب وكيف تنتقي المفردة التي تمثله هو، وكيف تشحن العاطفة الدينية ضد أي رأي لا يتواءم مع حدة رأيه وحماسه.. إرهاب يتحول من إدانة الإرهاب ذاته إلى من وصفه، وقد لمست ذلك بعد الهجوم على أحد المغردين حين طلب التروي والتريث قبل الحكم على الحادثة، وإن اختلفنا أو اتفقنا معه فهذا رأيه ولا يجب أبداً مصادرته أو مطالبته بمفردات معلبة وإلا لأصبحنا نسخة واحدة في التعاطي مع كل قضية وأصبح الرأي عبارة عن «كليشة» توزع على الكل!
خطاب الكراهية يا سادة لا يفضي إلى التعايش بل يفضي إلى زرع الفتن والعنصرية ورفض الآخر، وهو الخطاب الذي تشبع منه ذلك المجرم المعتدي، وهو الخطاب الذي يجب أن نبتعد عنه ما استطعنا وألا نقع فيه بدافع الحماس، فالتعايش هو الحل الأوحد الذي تسعى المملكة جاهدة على تعزيزه لننعم بوطن مترابط ومجتمع متجانس.
نقلا عن عكاظ